تونس في 4 جانفي 2022 – صبيحة يوم الجمعة 31 ديسمبر 2021 ألقى أعوان الشرطة القبض على السيد نور الدين البحيري دون أي أمر قضائي وهو محام ووزير عدل سابق وأحد القياديين بحزب حركة النهضة، تم اقتياده إلى مكان احتجاز سري. حيث أكّد محاموه بأنهم اتصلوا بوزارة الداخلية لزيارة موكلهم إلا أنهم لم يتلقوا أي رد منها.
وبحسب الوزارة، فقد تم وضع السيد البحيري قيد الإقامة الجبرية بشكل قانوني ووفقًا للضمانات الإجرائية، غير أن مصير السيد البحيري يبدو في واقع الأمر أقرب إلى الاحتجاز التعسفي.
حتى يكون إجراء الإقامة الجبرية قانونيا ينبغي عليه أن يستند إلى نص قانوني وينبغي أن يكون ضروريا ومتناسبا مع الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه – ويتمثل في هذه الحالة بحفظ النظام العام – علاوة على أنه يحب أن يخضع لرقابة فورية وجادّة من قبل سلطة قضائية مستقلة.
لا تستند الإقامة الجبرية المزعومة التي صدرت بحق السيد البحيري إلى أي قانون، بل إلى مرسوم رئاسي صدر منذ أكثر من أربعين عامًا. ولم يتم تقديم أي إشعار مكتوب إلى السيد البحيري يحتوي على الأسباب الدقيقة لوضعه قيد الإقامة الجبرية وكيف أن هذا التدبير ضروري لحماية النظام العام. علاوة على ذلك، فقد تم حرمان السيد نورالدين البحيري من الاتصال بمحاميه، حيث يشكل كل من غياب الإشعار الكتابي الذي يفيد بإجراء الإقامة الجبرية وعدم إمكانية التواصل مع محامٍ إنتهاكات جسيمة للضمانات الإجرائية للشخص المسلوب من حريته وما يصاحب ذلك من انتهاك لحق الطعن في شرعية الإجراء أمام سلطة قضائية.
إضافة إلى ذلك، بما أن احتجاز السيد البحيري قد تم في نطاق مكان مغلق لا يستطيع مغادرته، فما هو في واقع الأمر إلا احتجاز بالمعنى الوارد في القانون الدولي وليس مجرد تقييد لحرية التنقل. ومن هنا نتبيّن أن الاحتجاز تعسفي بالكامل وغير شرعيّ، حيث تمّ الإبقاء على سرّيّة مكان الاحتجاز حتى تمّ نقل المعتقل إلى المستشفى، وبموجب القانون الجزائي التونسي، يمكن وصف هذا الاحتجاز بأنه جريمة اختطاف واحتجاز غير شرعي.
وفقًا للمعلومات التي قدمتها وزارة الداخلية، فقد تمّ إخضاع شخص آخر كذلك للإقامة الجبرية في نفس الظروف التي يقيم فيها السيد البحيري. بناء عليه، فإذا تم إقتياد هذا الشخص إلى مكان مغلق لا يستطيع مغادرته في كنف حريته، فهو أيضا ضحية للاحتجاز التعسفي.
عدد كبير من المواطنين التونسيين هم كذلك ضحايا للإقامة الجبرية التعسفية، وفي معظم الحالات، لا يتعلق الأمر بأي نوع من أنواع الاحتجاز، بل بتقييد حرية التنقل في نطاق حيٍّ أو منطقة سكنية. بيد أنّ هذا الإجراء ليس أقلّ تعسّفية مقارنة بغيره لأنه ما يزال يفتقر إلى أي أساس قانوني. من جهة أخرى وفي جميع الحالات تقريبا، لا يتم إشعار الأشخاص الخاضعين للإقامة الجبرية بالأسباب الدقيقة التي تقف وراء إخضاعهم لهذا الإجراء مما ينزع عنه صبغة الضرورة والتناسب، كما أنهم لا يتلقّون أيّ إشعار مكتوب مما يعيق حقهم في الطعن في هذا القرار. في هذا الإطار، نذكّر بأنه في كثير من الأحيان تؤدي الإقامة الجبرية إلى أضرار مادية ونفسية كبيرة وفورية لا سيما عندما تتخذ شكل احتجاز، ويزداد الضرر خطورة عندما تكون الإقامة الجبرية غير قانونية كما هو الحال في تونس.
في كثير من الحالات الموثقة من قبل برنامج المساعدة المباشرة سند، تستخدم وزارة الداخلية الإقامة الجبرية للالتفاف على القضاء، إما لعدم وجود دليل على أن الشخص المعني قد ارتكب جريمة ما، أو لأن الشخص موضوع تحقيق جزائي لكن قاضي التحقيق رفض وضعه رهن الإيقاف التحفظي.
بحسب وزارة الداخلية، فإن السيد البحيري موضوع عدّة أبحاث جزائية. فإن إعتبر قاضي التحقيق بأن هناك مخاطرة جدّية في هروب المشتبه به أو إتلاف الأدلة، فيمكنه أن يأمر بإيقافه على ذمة التحقيق مع الالتزام التام بأحكام مجلة الإجراءات الجزائية، غير أنّ الأمر لم يكن كذلك، كما أنه ليس من شأن وزارة الداخلية أن تتجاوز صلاحيات العدالة.
تدعو المنظمة العالميّة لمناهضة التعذيب السلطات التونسية إلى الكف بشكل عاجل عن إصدار الأوامر القاضية بالإقامة الجبرية وغيرها من تدابير الرقابة الإدارية التعسفية والخالية من أي أساس قانوني والتي يتم تنفيذها في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأخيرا تدعو المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب مرة أخرى السلطات القضائية – العدلي منها والإداري – إلى الاضطلاع بدورها كحامية للحريات الأساسية.
للاتصال بوسائل الإعلام:
هيلين لوجي، المديرة القانونية بالمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب تونس، سند الحق،
hl@omct.org | 98 746 566
أسامة بوعجيلة، مسؤول عن المناصرة والحملات بالمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
27842197 | ob@omct.org