“اليوم سأفعل كل ما بوسعي لأجعلك تخلعين هذا النقاب!”
أمل*، 30 سنة، تونس الكبرى
في شهر جويلية استجمعت أمل شجاعتها للذهاب إلى المحكمة الإدارية لوضع حدّ لأكثر من 10 سنوات من مضايقات الشرطة بسبب تصنيفها. وقد أدت عمليات التفتيش والإيقافات في الشارع والزيارات المنزلية والاستدعاءات إلى مركز الشرطة والاستجوابات المهينة إلى جعل حياتها وحياة أسرتها جحيما. تعتبر أمل واحدة من آلاف الأشخاص "الخاضعين للإجراءات الحدودية" التي تفرضها عليهم الشرطة مع ما يرافقها من تدابير رقابة إدارية تعسفية تترتب عليها عواقب نفسية واجتماعية واقتصادية مأساوية.
ارتــدت أمــل، مطلقــة وأم لثلاثــة أطفــال، النقــاب لســنوات عديــدة. افــادت أن مضايقــات الشـرطة لهـا بـدأت قبـل الثـورة قبـل أن يتـم تفتيـش مقـر اقامتهـا وإقامـة والديهـا عـدة مـرات بين 2011 و2017. ثـم وانطلاقا مـن سـنة 2017، غيـرت الشـرطة أسـلوب المراقبـة. ففـي تلـك السـنة، تـم ايقافهـا أمـام فنـدق فـي ضواحـي تونـس العاصمـة عندمـا كانـت متجهــة إلــى المستشــفى لزيارة ابنتهــا المريضــة بعد أن أعلمت إدارة الفنــدق الشـرطة بوجـود امـرأة ترتـدي نقابـا.
وصـل اثنـان مـن رجـال الشـرطة فـي أزياء مدنيـة إلـى المـكان، وطلبـوا مـن أمـل الاستظهار ببطاقـة هويتهـا وطالبوهـا بمرافقتهـم إلـى مركز الشــرطة. وبرفضهــا مرافقتهــم واصرارهــا علــى الاستفسار عــن الدوافــع تــم اقتيادهــا عنـوة. وبمجـرد وصولهـا إلـى منطقـة الشـرطة، سـألها ثالثـة أعـوان عـن الصّلاة وعـن علاقتها بالسّــلفيين. مــن ثــم تمــت احالتهــا علــى أنظار وكيــل الجمهوريــة باعتبارها رفضــت الاستظهار بهويتهـا للأعوان الذيـن قامـوا باسـتجوابها. افـادت أمـل أن وكيـل الجمهوريـة سـألها "لمـاذا كنـت هنـاك؟ ألا تعلميـن أن هنـاك أماكـن لا يمكنـك الذهـاب إليهـا؟"
تعتقــد أمــل أن ادراجهــا ضمن الإجراءات الحدودية يعــود إلــى هــذا الحــادث. ومــع ذلــك، لــم يتــم إعلامها بالإجراء إلّا فـي جـوان 2018 أثنـاء التحقـق مـن هويتهـا فـي وسـط مدينـة تونـس وهـي برفقـة أصدقـاء. اقتادهـا الأعوان رفقـة صديقاتهـا إلـى مركـز شـرطة قريـب. تـم اسـتجواب أمـل مــن قبــل أعضــاء تســع وحــدات مختلفــة حســب مــا لاحظتــه. ســألوها عــن ممارســتها للصّلاة وعـن الأعياد الدينيـة والقنـوات التلفزيـة التـي تشـاهدها والكتـب التـي تقرأهـا ومعارفهــا والأسباب التــي دفعتهــا إلــى ارتــداء النقــاب، والفتــرة التــي بــدأت فيهــا بارتدائــه، إلــخ.
وقــال لهــا أحــد المحقّقيــن "اليوم سأفعل كل ما بوسعي لأجعلك تخلعين هذا النقاب! فكل من تعرضت لاستجوابي انتهت بالتخلي عن ارتداء النقاب". وتمّ إطلاق سراحها عند وصوـل محاميهـا فـي السـاعة الثانيـة صباحـا بعـد تسـع سـاعات مـن الاحتجاز. وبعدها تــم ايقافهــا مــرة أخــرى فقط واســتدعائها إلــى مركــز الشــرطة وتفتيشــها فــي الشــارع بسبب ارتدائهــا النقــاب.
تواصلت هرسلة أمل في مناسبات لا تحصى. في عام 2019، وبمناسبة تعرضها لا يقاف تعسفي، تم نقلها إلى مركز الشّرطة حيث خضعت لتفتيش كامل و مهين للغاية. في العام التالي، تم القبض عليها مرة أخرى واقتيدت إلى مركز الشّرطة حيث قام الأعوان بتعنيفها لإجبارها على التوقيع على محاضر بحث تقرّ أن لديها آراء إيديولوجية متطرفة ومن ثم تمّ نقلها إلى مركز شرطة أخر أين خضعت لاستجواب حول ممارساتها الدينية ونوعية مطالعاتها وعلاقاتها ...مؤخّرا، تم فصل أمل من وظيفتها بسبب ضغوط الشّرطة على صاحب عملها وتعرضت مرة أخرى للاعتداء بالقرب من منزلها من قبل أعوان الشرطة الذين حاولوا التحقق من هويتها.